مكتبة الأندلس | أبرز المعلومات العامة حول نشأة وتاريخ مكتبة الأندلس

تعرف على مكتبة الأندلس وعلى أبرز المعلومات العامة حول نشأة وتاريخ مكتبة الأندلس عبر موقع محيط، حيث تعرف مكتبة الأندلس بالمكتبة الأموية، وتعد مكتبة الأندلس أحد أكبر المكاتب وأشهرها في دولة الأندلس على الإطلاق، كما أن لمكتبة الأندلس فضل كبير ودور عظيم في إنتشار كلا من العلم والثقافة في عهد الخلافة الإسلامية، حيث تم الإهتمام بكلا من الثقافة والتعليم بعد إستقرار الأوضاع في الأندلس، وفيما يلي سنتعرف على كافة المعلومات العامة عن مكتبة الأندلس بالتفصيل.

تاريخ إنشاء مكتبة الأندلس

لقد إستقرت الأحوال العامة في دولة الأندلس في ظل حكم صقر قريش عبد الرحمن الداخل عام 172 هجريا، حينها بدأ عبد الرحمن الداخل بالإهتمام بكلا من العلوم والتربية والثقافة.

وهي جميع الأشياء التي يمكن من خلالها تأسيس حضارة عريقة ومجتمع قوي ذو مكانة عالية وشأن عظيم بين المجتمعات الأخرى، وقد بدأت الأمور تأخذ مجراها بشكل طبيعي في دولة الأندلس.

فعند النظر إلى تاريخ دولة الأندلس القديم، سنجد التطور الكبير والإزدهار العظيم أثناء الخلافة الإسلامية، فضلاً عن وجود العلوم المتنوعة والزخارف المميزة، بالإضافة إلى كتب التاريخ التي نستفيد منها حتى وقتنا الحالي.

حيث بدأ المؤرخون يشيرون إلى المكتبة الأموية كإحدى أشهر مكتبات قرطبة في عهد محمد بن عبد الرحمن الأوسط (273 هجريا).

بالإضافة إلى أن عبد الرحمن الناصر (350 هجريا) قد إشتهر بحبه الشديد للكتب وشغفه الكبير بها، وقد بلغ ذلك الشغف الآفاق العالية.

حتى وصل خبر حب عبد الرحمن الناصر الشديد للكتب والمعرفة إلى بيزنطة، وهو العدو التقليدي للمسلمين آنذاك.

وقد أراد إمبراطور بيزنطة وهو قسطنطين السابع، أن يجذب ويستميل الخليفة الأندلسي، وهو الأمر الذي دفعه إلى التفكير في إرسال هدية إليه، وكان يجب أن تكون تلك الهدية أكثر ما يحبه قلبه.

فقد توصل بفكره إلى أن تكون الهدية عبارة عن كتاب جديد لم يكن معروفاً من قبل، حتى ينال إعجاب وإستحسان عبد الرحمن الناصر، لذلك أرسل له كتاب (ديسقوريدس في الطب).

وهو كتاب مصور فيه رسم توضيحي روماني رائع مع وجود الكثير من الرسوم التوضيحية للأعشاب، وكان هذا الكتاب مكتوبًا باللغة الإغريقية أي اليونانية.

وقد بعث قسطنطين السابع مع هذا الكتاب كتاب آخر بعنوان (هروسيس صاحب القصص)، وهو كتاب عن تاريخ الروم العجيب.

وكان إثنان من أبناء عبد الرحمن الناصر، وهما: محمد والحكم، قد بدءا دراستهما في ذلك الوقت، حيث أنهم تتلمذوا على يد أشهر المؤدِّبين والعلماء في ذلك الحين.

وقد إستيقظت هوايتهما وحبهما للقراءة منذ الصغر، حتى إن خوليان ريبيرا وهو المؤرخ الإسباني الكبير كان يقول عنهما: “إن مكتبة أبيهما لم تعد تشبع نهمهما“، وذلك من شدة حبهما للقراءة والإطلاع والعلوم والمعرفة.

وقد تنافسا مع بعضهما البعض على من منهما سيسبق الآخر في تكوين وإنشاء مكتبة تكون أكثر عددًا وأدق إختيارًا من مكتبة والدهما.

وقد تمكن كل منهما من إنشاء مكتبته الخاصة، وكانت تتميز هذه المكتبات بمعلومات دقيقة وأعداد كتب كبيرة ذات مجالات متنوعة من العلوم.

عهد الحكم بن عبد الرحمن الناصر
عهد الحكم بن عبد الرحمن الناصر

لا تفوت فرصة التعرف على: أهمية المكتبة وأنواعها وأهم اهدافها

عهد الحكم بن عبد الرحمن الناصر

وقد توفي الأمير محمد بن عبد الرحمن الناصر بعد فترة من إنشاء مكتبته الخاصة، وورث أخوه الحكم بن عبد الرحمن الناصر مكتبته.

كما أنه ورث مكتبة والده بوفاة عبد الرحمن الناصر أيضا، وقد جمع المكتبات الثلاث في مكتبة كبيرة واحدة، وأصبحت هذه المكتبة مكتبة القصر (مكتبة الأندلس).

وقد أحاط أسلافه من قبله هذه المكتبة بكل رعايتهم، حيث كان يعمل في مكتبة القصر أمهر المجلِّدين في الأندلس دون توقف.

هذا إلى جانب آخرين جيء بهم من كلا من بغداد وصقلية، بالإضافة إلى مجموعة من الرسامين والمزوقين والمنمقين، حيث كانوا يقومون بزخرفة الكتب بالزخارف الجميلة والرسومات الرائعة.

وذلك بعد أن يقوم أدق الخطاطين بنسخها وتقديمها إلى لجنة كبيرة من كبار العلماء، حيث تقوم هذه اللجنة بمعارضة وتصحيح الكتب، ومن ثم تدفع الدولة لهؤلاء الرسامين والمزخرفين والخطاطين مرتباتهم في سخاء.

وقد ذكر المؤرخ إبن الفرضي أحد هؤلاء العلماء ممن كانت مهمتهم الوحيدة تنحصر في مراجعة كافة الكتب المتواجدة في المكتبة الأموية في قرطبة والزهراء، وكذلك القيام بمعارضتها وتصحيحها.

وهو الإمام (الرباجي محمد بن يحيى الأزدي)، وقد قال عنه إبن الفرضي:

“لقد كان فَقِيهًا وإمامًا موثوقًا، وقد أخذ كتاب سيبويه رواية عن إبن النّحاس، وكان يتمتع بنظر جيد، وكان دقيق الإسْتِنْبَاط، حاذقًا بالقياس”

وَقد إسْتَأدَبه أمير المؤمنين الناصر (رضي الله عنه) لإبنه المِغيرة، ثم صار بعد ذلك إلى خدمة المُستَنْصِر بالله في مقابلة الكتب، وقد توسع له في الجراية.

وكان يعرف (الرباجي محمد بن يحيى الأزدي) بأنه رجُلاً صَالِحًا متدينًا، وقد تُوفِّى (رحمه الله) في شهر رمضَان سنة ثمان وخمسين وثلاث مائة.

حجم مكتبة الأندلس
حجم مكتبة الأندلس

لا تفوت فرصة التعرف على: تعرف على أديب الفقهاء ابن قتيبة الدينوري

حجم مكتبة الأندلس

لقد وصف لنا العلامة الجليل إبن حزم كبر حجم وضخامة المكتبة الأموية، حيث أنه قد ذكر حجم مكتبة الأندلس الضخم في حديثه الذي أجراه مع الشخص القائم بأعمالها أثناء عهد الحكم المستنصر، والذي كان يُدعى بإسم (تليد الفتى).

حيث قال إبن حزم عن حجم مكتبة الأندلس:

«وأخبرني تليد الفتى (الذي كان يعمل على خزانة العلوم بقصر بني مروان بالأندلس) أن عدد الفهارس التي كانت تحتوي على تسمية الكتب أربع وأربعون فهرسة، في كل فهرسة من هذه الفهارس خمسون ورقة، ليس فيها إلا اسماء الدواوين فقط».

وهو ما يعني أن عدد فهارس المكتبة الأموية كان 2200 ورقة فيها اسماء المؤلفات والدواوين فقط، وهو الأمر الذي يدل على ضخامة تلك المكتبة الملكية، حيث يمكن تقدير عدد الكتب بهذه المكتبة بحوالي أكثر من 100 ألف كتاب.

ولقد كان تشجيع كلا من الناصر الأموي ومن بعده إبنه الحكم المستنصر لكل من العلماء والفقهاء والأدباء من كل المدارس والمشارب دورا كبيرا في تضخيم وتكبير المكتبة الأموية.

وهو الأمر الذي جعلها أعظم المكتبات في العالم بأكمله في ذلك الوقت، فقد كان يعمل لدى الحكم المستنصر العديد من الورّاقون الذين يتواجدون بأقطار البلاد كي ينتخبون له غرائب التواليف، ورجال يوجههم إلى الآفاق عنها.

وكان محمد بن طرخان أحد وراقيه ببغداد، وقد كان من أهل المشرق والأندلس جماعة، ومع هذا كان يتصف بأنه كثير التهمّم بكتبه والتصحيح الدائم لها والمطالعة لفوائدها.

كما كان يتميز بثقافته الواسعة، حيث قلما تجد له كتابًا بداخل خزانته، إلا وله فيه قراءة وإستنباط ونظر، في شتى فنون العلوم المختلفة.

حيث كان يقرأه ويقوم بالكتابة فيه بخطه، فقد كان يكتب معلومات مؤلف الكتاب الذي يقرأه بالكامل، فكان يكتب نسبه والتعريف به وكذلك مولده ووفاته.

ويذكر أيضا أنساب الرواة له، وكان يأتي من ذلك بغرائب ومعلومات لا تكاد توجد إلا عنده وحده، وذلك لكثرة مطالعته وعنايته الشديدة بهذا الفن.

وكان محمد بن طرخان موثوقًا به ومأمونًا عليه بين العلماء والفقهاء في ذلك الوقت، وهو الأمر الذي ساهم في أن يصبح كل ما كتبه حجة عند شيوخ الأندلسيين وأئمهم بالكامل.

فقد كانوا ينقلون كتابته من خطه ويحاضرون بها لكثرة المعلومات القيمة بها ولأهمية ما تحتويه تلك الكتابات من علم نافع ومعلومات غالية.

وقد قال إبن الأبار عن كتابات محمد بن طرخان (وقد إجتمع لي من تلك الكتابات جزء مقيد مما وجد بخطه، ووجدتُ أن ذلك الجزء يشتمل على الكثير من الفوائد الجمة وفي أنواع شتى).

وكان قد قيد العديد من أنساب أهل بلده، وكلف جميع أهل كور الأندلس أن يقوموا بإلحاق كل عربي أُخمل ذكره قبل ولايته.

وأن يقوم بتصحيح نسبهم أهل المعرفة بذلك، ويؤلف من الكتب ويقوم برد كل ذي نسب إلى نسبه، وقد فرج ذلك بالعلم، حيث تم له من ذلك كل ما أراد، وقد نفع الله بكرم قصده كلا من البلاد والعباد.

خوليان ريبيرا
خوليان ريبيرا

لا تفوت فرصة التعرف على: معلومات عن الحضارة الأندلسية

خوليان ريبيرا

وقد وصف المستشرق الإسباني (خوليان ريبيرا) هذه الحالة النشطة في طلب الكتب والعناية بها وصف دقيق وصائب، حين قال:

لقد تطورت الحركة الثقافية بشكل كبير بين الإسبان المسلمين ولم تكد تأخذُ طريقها بينهم حتى أصبح الكتاب ذو شأن كبير ومكانة عالية، وأصبح هو موضع التقدير والإعجاب بين الناس وبعضهم البعض.

فكان يكفي أي عائد من رحلة إلى المشرق أن يحمل معه كتاباً جديدًا ومعلومات قيمة، حتى يُصبح مناط الإعجاب الشديد والحفاوة البالغة من مواطنيه.

وكان يتنافس كل من المسلمون من أصل إسباني واليهود والموالي والمسيحيون فيما بينهم على أن تكون لهم مكتبات خاصة بهم غنية بالمعلومات القيمة والفوائد الجمة.

ولم يَبقَ الأمويون في آخر الصف بالنسبة لهذه الحركة الثقافية الضخمة، حيث أنهم أخذوا يجمعون من الكتب مجموعات كبيرة منذ البدء.

وبلغت تلك الحركة والمنافسة الثقافية قمّتها في حياة الحكم الثاني، وكان يعرف بأنه عاشق الكتب وأنه أكثر أمراء بني أمية غرامًا بها.

وقد أصبحت قرطبة تعرف في جميع أنحاء العالم بمدينة الفكر والثقافة والعقل المدبّر لكل الغرب الإسلامي.

بذلك نكون قد تعرفنا على مكتبة الأندلس وعلى نشأتها وتاريخها ومؤسسيها، كما تعرفنا على حجمها وعلى آراء بعض المؤرخين والعلماء والأدباء فيها وفي العمال بها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق