إبن السبيل

يعرف إبن السبيل بأنه ذلك الشخص المتواجد في غير بلده ونفذ ماله أو ذلك الذي ليس معه ما يكفيه من المال لقضاء حاجته والرجوع إلى موطنه، وفي تلك الحالة وجب إعطاؤه من مال الزكاة القدر الكافي لللوصول إلى غايته، أما من كان في بلده ولم يجد المال للسفر بغرض مُلح وفي غاية الضرورة كعمل عملية أو تلقي علاج مثلاً فيأخذ في تلك الحالة من مال الزكاة تحت ما يسمى مال الفقراء ولا يطلق عليه مسمى إبن السبيل.

تعريف إبن السبيل للشيخ إبن عثيمين رحمه الله

يعرف السبيل بأنه الطريق ومنه طريق السفر، وجاء مسمى إبن السبيل من ملازمة المسافر للطريق، حيث أن الملازم للشيء يطلق عليه صفة البنوة كقول إبن البلد لملازمة الشخص لبلده.

ويجب إعطاؤه من مال الزكاة ما يكفيه حتى ولو كان أغنى الأغنياء في بلده، وذلك مراعاة لما طرأ عليه من نفاذ ماله وقلة حيلته.

وجوب إكرام إبن السبيل في الإسلام

حثنا الإسلام على مساعدة المحتاجين والفقراء ومن تعرضوا إلى ضائقة مالية، حيث أمرنا الله -عز وجل- أن يعطي الغني الفقير حتى تتسامح النفوس وتنتشر المحبة والرحمة بين العباد، وكان إبن السبيل ممن وجب مساعدته وإنفاق المال له.

دليل إنفاق المال في سبيل الله من القرآن الكريم

جاءت كلمة سبيل في العديد من الأيات القرآنية التي أوضحت وجوب إنفاق المال للمحتاجين والفقراء ومنهم إبن السبيل، حيث قال -عز وجل:

{الَّذِينَ ءَامَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللهِ}.

دليل إنفاق المال لإبن السبيل من السنة النبوية

قد أوجب الإسلام إكرام إبن السبيل ومضايفته وإعطاؤه ما يلزم لقضاء حاجته والوصول إلى موطنه، وذلك ليتحقق التكافل الإجتماعي.

وينتشر الود والمحبة بين الناس، حيث جاء في الحديث الشريف عن رسول الله (صل الله عليه وسلم) أنه قال:

“ليلةُ الضَّيْفِ حقٌّ على كلِّ مُسلِمٍ، فمَنْ أصْبَحَ الضيْفُ بِفنائِهِ، فهو لهُ عليه ديْنٌ، إنْ شاءَ اقْتَضَى، وإنْ شاءَ تَرَكَ”

قد يهمك أيضا: اجر الصدقة بالتفصيل من الشريعة الإسلامية

إبن السبيل أحد مصارف الزكاة
إبن السبيل أحد مصارف الزكاة

إبن السبيل أحد مصارف الزكاة

فرض الله على المسلمين إعطاء المال من زكاتهم لإبن السبيل، فهو أحد مصارف الزكاة التي وردت في الأية الكريمة:

{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}.

ودلت الأية الكريمة على أن إبن السبيل ممن توجب عليهم الزكاة ولا ينبغي أن يقترض المال للعودة إلى وطنه حتى ولو كان قادر على سداد ذلك القرض وذلك لغرضين وهما:

  1. يوجد في القرض مشقة كبيرة في تحمل السداد عند البعض، وإن ألزم الإسلام شيء على شخص ألزمه على جميع الأشخاص، فإن كان أحدهم غني ويقدر على سداد ذلك القرض، يوجد غيره من لا يقدر على سده.
  2. ذلك المال من الله -عز وجل- وليس من العبد فوجب أن يأخذه إبن السبيل ويحمد الله على مَنّه ونعمته عليه.

حكم إعطاء المال لإبن السبيل

قد علمنا أن إبن السبيل يجب أن يأخذ من مال الزكاة ما يعينه على سفره وييسر عليه رحلته حتى يعود إلى موطنه، ويوجد نوعين من أبناء السبيل ولكل منهما حكم شرعي خاص به.

حكم إعطاء المال لإبن السبيل العاصي

لا يجب إعطاء مال الزكاة لإبن السبيل العاصي ما لم يتُب، حيث قال الله -تعالى:

{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}

حيث أنه من الممكن أن يستعمل ذلك المال في معصية الله.

حكم إعطاء المال لإبن السبيل التائب 

يجب إعطاء المال لإبن السبيل التائب الذي أجمع أهل الدين على توبته، فمن الممكن أن يعينه رجوعه إلى وطنه على ترك المعصية والرجوع إلى الله -تعالى-، كالإبن العاق الذي يريد الرجوع إلى والديه.

حكمة الله من فرض الزكاة
حكمة الله من فرض الزكاة

حكمة الله من فرض الزكاة

تتعدد حِكم الله -عز وجل- في تشريع فرض الزكاة على المسلمين، ومن أهم تلك الحِكم ما يلي:

  • يكتمل إسلام المسلم بتأديته فرض الزكاة وذلك لأنها ركن من أركان الإسلام الخمسة التي لا يتحقق إسلام الشخص إلا بتأديتهم.
  • منع إحتقان نفوس الفقراء وزيادة الحقد والحسد من الفقير للغني الذي يتمتع بماله وحده.
  • التكافل والتآلف بين أفراد المجتمع الإسلامي حتى يصبحوا كالأسرة الواحدة.
  • تدل الزكاة على زيادة الإيمان وذلك لأن المال من الشهوات التي يحبها الإنسان حباً جماً بدليل ما ورد في الأية الكريمة:

{زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ۗ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ}.

  • ما ورد في الحديث الشريف عن أبي حمزة أنس إبن مالك (رضي الله عنه) عن رسول الله (صل الله عليه وسلم) أنه قال:

“لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه”.

قد يهمك أيضا: اثر الدين على الزكاة: أقول الفقهاء وعلماء الدين عن زكاة المال

وبذلك نكون قد تعرفنا على من هو إبن السبيل وما حكم إعطاؤه المال من الزكاة وتعرفنا على الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة النبوية التي تدل على وجوب إنفاق المال عليه، كما تعرفنا أيضا على الحكمة من فرض الزكاة على المسلمين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق